كن جميلا ترى الوجود جميلا
إن الله سبحانه وتعالى خلق الكون علي نظام بديع وجمال يبهر الأنظار ويأسر العقول وأودع في الإنسان عيون تبصره ومشاعر وأحاسيس تستشعره وتسعد به فكانت نظرات الإنسان وإحساسه بهذا الجمال تجعله أكثر قربا من الله وأقوى إيمانا به لأنه يرى عظمة الخالق في عظيم قدرته وجمال صنعه ، ولذلك كلما فتح الإنسان عينيه علي هذا الجمال امتلأت نفسه جمالا واصطبغت عينيه به فأصبح داخله جميلا وإحساسه بما حوله أكثر جمالا فكانت كل معاملاته يسودها خلق جميل وعلاقات مع غيره طيبه فلا يعرف حقدا ولا حسد ، فأصبح ذو نفسه طيبة تقبل علي الحياة بروح الأمل والتفائل ، وهذا المعنى أجده في كلمات قرأتها للدكتور مصطفى محمود يقول فيها : ” إنك حين تفتح عينيك على ثرائك الداخلي تغمرك السكينة وتبدأ الهدنة التي بينك وبين الحياة وترتضي نفسك وتتقبلها, وهذه الهدنة هي النبع الذي تتدفق منه المحبة فتحتضن النفس نفسها والآخرين من حولها , بل الحياة ذاتها, فالمرء منا مثلا حين يشعر أن الزهر يبتسم له فما ذاك إلا لأنه يرى ابتسامته الداخلية منعكسة عليه , وحين يقول: إن الدنيا حلوة, فالحقيقة أن نفسه هي الحلوة, لأنه لا يرى الدنيا, بل لأنه يرى صورة نفسه كما تعكسها له الدنيا ” وهكذا فإن جمال طريقة الملاحظة هي الطريق الذي يجعل كل شيء خارج الإنسان صورة عن الإنسان ."
و مما يؤكّد ضرورة هذه النظرة قول الحق تبرك وتعالى [ و في أنفسكم أفلا تبصرون ] الذاريات .... فهذا تنبيه إلى وجوب العودة إلى داخل الإنسان حتى تستقيم نظرته وتصرفاته ذلك أن الاستبصار و التبصر لا يتم إلا بما في داخله . فالإنسان ما يظهر منه علي شخصيته وكل تصرفاته هو عبارة عن ثمار ما زرعه بداخله ، لهذا من الأفضل أن نزرع بداخلنا بذور الخير والحب لكي نستمتع بالحياة في جو من الانسجام بعيدا عن المشاحنة والتشائم ونطهر أنفسنا وأبصارنا من النظرة السوداوية التي تعكر صفو حياتنا وتجعلنا نخطي في أحكامنا وتقديراتنا للأمور . فكلما كان الإنسان جميلا في داخله كانت الدنيا في نظره جميلة وساد الحب والوئام بين الناس ....
نسأل الله أن يجمع قلوبنا علي الحب والخير والوئام دائما .